الغوطة موضع بالشام خصيب بخارج دمشق، فقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستفتح عليكم الشأم فعليكم بمدينة يقال لها دمشق هي خير مدائن الشأم وفسطاط المؤمنين بأرض منها يقال لها الغوطة».
كما قال الأصمعي: أحسن أنهار الدنيا ثلاثة أنهار: الغوطة، وسمرقند، ونهر الأُبَّلة، وهو قريب من البصرة.
وسميت دمشق باسم صاحبها الذي بناها، وهي إرم ذات العماد، وفي رواية أخرى اشتق من دَمْشَقَ في البناء أي تفنن لجمال أبنيتها.
وقال اليعقوبي: مدينة دمشق جليلة المقدار قديمة، وهي مدينة الشأم في الجاهلية والإسلام، وليس لها نظير في جميع بلاد الشأم في أنهارها وبساتينها ومبانيها وكثرة عمارتها، وافتتحت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة أربع عشرة.
وقال الشيخ ابن جبير في كتابه رحلة ابن جبير: مدينة دمشق هي جنة المشرق ومطلع حسنه المونق وعروس المدن، قد تحلت بأزاهير الرياحين، وتجلت في حلل سندسية من البساتين، وحلت من موضع الحسن بمكان مكين، وتجلت في منصتها بأجمل تزيين، وتشرفت بأن آوى الله المسيح وأمه منها إلى ربوة ذات قرار ومعين. ظل ظليل وماء سلسبيل ينساب انسياب الأراقم بكل سبيل.
قد أحدقت البساتين بها إحداق الهالة بالقمر واكتنفتها اكتناف الأكمام للزهر، وامتدت بشرقيها غوطتها الخضراء امتداد البصر، فكل موقع لحظته بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد النظر، ولقد صدق القائلون عنها: إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك منها، وإن كانت في السماء فهي بحيث تُسامتها وتحاذيها.
وقال فيها البحتري:
إذا أردت ملأت الطرف من بلد
مستحسن وزمان يشبه البلدا
يُمسي السحاب على أجبالها فِرَقاً
ويصبح النبت في صحرائها بَدَدا
فلست تبصر إلا واكفاً خَضِلاً
أو يانعاً خضراً أو طائراً غَرِدا
كأنما القيظ ولَّى بعد وقدَتِهِ
أو الربيع دنا من بعد ما بعدا